مركز المعطيات و الدراسات الاستراتيجية

الانفاق العسكري على المستوى العالمي

من معطيات مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية

2018-03-14


مركز المعطيات والدراسات الإستراتيجية

Data & Strategic Studies Center (D.ِA.S.C)

 

أبحاث إستراتيجية  أمريكية

 

 

 

 

 

ÌÌÌÌ

الانفاق العسكري على المستوى العالمي

 

ÌÌÌÌ

 

من معطيات مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الانفاق العسكري على المستوى العالمي

 

إن المعادلات الجديدة التي أفرزتها مرحلة ما بعد الحرب الباردة، هي توسع مدى انتشار نظم التسلح التقليدية في كافة المجالات، ابتداءً بالصواريخ وانتهاءً بالسفن، مرورا بالحاملات الجوية والاعتدة البرية ووسائط  النقل المتطورة، حيث بلغ حجم الإنفاق العسكري في العالم 839 مليار دولا، بواقع 2,4 مليار دولار يوميا، أو نحو مئة مليون دولار كل ساعة، حسب أرقام معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI، وقد سجل الإنفاق العسكري في العالم ارتفاعا بنسبة 6% خلال عام 2003 عن العام السابق، بسبب الزيادة في ميزانية الدفاع الأمريكية، وكان الإنفاق العسكري 847 مليار دولار عام 1992، وهو آخر سنوات الحرب    الباردة، وهبط إلى 719 ملياراً عام 1998، لكنه عاود الارتفاع إلى 772 مليارا في 2001 ومن ثم إلى أرقامه الحالية.

أما الإنفاق العسكري في الدول الأوروبية والشرق الأوسط فهو مستقر ، بينما سجل ارتفاعا في إسرائيل، وبعض الدول الأفريقية، وترتبط زيادة الإنفاق العسكري الأمريكي بمكافحة الإرهاب وأسعار صرف الدولار، وهو العملة المستخدمة عادة في تجارة السلاح، حيث بلغت قيمة صادرات السلاح الفرنسية 4,4 مليار يورو في عام 2002، بزيادة 10% عن العام السابق.

أما مبيعات الأسلحة الروسية فمستمرة في الزيادة منذ عام 2000، وتستحوذ على 26% من حجم سوق السلاح العالمية، الذي تحتل فيه مبيعات السلاح الأمريكية المركز الأول، وقد زادت الصين من مشترياتها الدفاعية بنسبة 18% عام 2002، ومن المتوقع أن تكون هذه النسبة زادت مرة أخرى في عام 2003 بنسبة 9,6%، وتحتكر 15 دولة حوالي 75% من الإنفاق العسكري العالمي، على رأسها الولايات المتحدة، بنسبة 36% من مجموع الإنفاق العالمي، أي أن هذا الرقم يساوي كل الإنفاق العسكري للدول التسع التالية مجتمعة، وهى: روسيا وفرنسا واليابان وبريطانيا تنفق معا 21%، ثم ألمانيا والصين والسعودية وإيطاليا والبرازيل وحصيلته معا 15%، وبعبارة أخرى فهذه الدول العشر تنفق معا 72% من الإنفاق العسكري العالمي، أضف إلى هذا حصصا صغيرة لكوريا الجنوبية واستراليا وإسرائيل، وغيرها.

 وبتقسيم آخر، فان أمريكا وأوروبا الغربية واليابان تختص بنحو 66% من الإنفاق العسكري، بينما حصة روسيا 7% والصين 4% فقط.

حجم الإنفاق الأمريكي على مدي الأربع سنوات السابقة:

أعطت أحداث 11 سبتمبر 2001 أمريكا غطاءً سياسيا لزيادة الميزانية العسكرية، بحيث أصبحت أكبر ميزانية في عشرين سنة. فقد طلب الرئيس بوش 48 مليار دولار إضافية لميزانية 2002 ومليارات أخرى بحيث تقدر الميزانية عام 2004 بنحو 500 مليار دولار مقارنة ب 363 مليارا لسنة 2003.

وهذه الزيادة في الإنفاق الأمريكي، وبخاصة في مجال التقنيات العسكرية، لا نظير لها في العالم. فقد خصص لهذا القطاع أن يرتفع من نحو 57 مليار دولار في 2003 إلى نحو 62 مليارا عام 2004. وهذا هو أكبر نمو قطاعي في ميزانية الحرب الأمريكية، الصورة النهائية للبرنامج العسكري الأمريكي، الذي وضعت خططه، يحتوي على طائرات قتال وعموديات ومدمرات وغواصات هجومية وصواريخ وذخيرة، كلها فائقة التكنولوجيا، قدر لها ميزانية نحو 750 مليار دولار.

وقد وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على ميزانية قدرها 401,3 مليار دولار مخصصة للدفاع خلال عام 2004 بزيادة تتجاوز 2% على العام السابق، -وان الغرض من هذه الزيادة هو بناء قوة دفاعية هجومية معا تفل عزم من تسول له نفسه أن يبني قوة مضادة-تسمح من جديد بإجراء بحوث حول الأسلحة النووية ذات القدرة التعجيزية المحددة والصغيرة لتناسب أغراض الاستخدام في العمليات وضد المخابئ العميقة في باطن الأرض.

ويعطي مشروع الميزانية الضوء الأخضر لإجراء بحوث ولتطوير الرؤوس النووية التي تقل قوتها عن 5 أطنان، والمحظورة منذ عشر سنوات، ويؤكد مسؤولو الإدارة الأمريكية أن هذا النوع من الأسلحة سيتيح تدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية والنووية المطمورة.

كما منحت ميزانية الدفاع الجديدة 6 ملايين دولار للمختبرات النووية لإجراء بحوث حول أنواع جديدة من القنابل، و 15 مليون دولار للدراسات حول تعديل الرؤوس النووية بالغة القوة، التي يمكن استخدامها لضرب مخازن مطمورة، إلا أنها تطلب من الإدارة الأمريكية الحصول على تصريح خاص من الكونجرس ببدء هذه الأبحاث.

وقد خصصت الميزانية 9,1 مليار دولار للدفاع المضاد للصواريخ، أي بزيادة تقدر ب17% على ميزانية عام 2003، وتسمح الميزانية أيضا لسلاح الجو باقتناء 20 طائرة للتزود بالوقود، وكانت وزارة الدفاع الأمريكية ترغب في الحصول على 100 طائرة لكن الكونجرس لم يوافق على هذا المشروع، كما تتضمن ميزانية الدفاع الأمريكية أيضا تخصيص 74,2 مليار دولار لاقتناء أسلحة ومعدات و 63,4 مليار دولار للبحوث والتطوير والتجارب و 114,4 مليار دولار لتسيير هذه المعدات وصيانتها، كما تمنح نحو 4% زيادة في رواتب الجنود، ويمنح المشروع وزير الدفاع الأمريكي حرية التصرف في إعادة تشكيل نظام العاملين المدنيين في البنتاجون بإعطاء المسؤولين في الوزارة مزيدا من المرونة في فصل ونقل العاملين.

مبيعات الأسلحة الروسية:

تحتل روسيا المركز الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة في مجال مبيعات الأسلحة، وتتخلف روسيا عن الولايات المتحدة في مجال الإليكترونيات وبعض النواحي التقنية الحديثة الأخرى، ولكن المعدات العسكرية الروسية تتميز بسهولة الاستخدام والصيانة، وهو ما يجعلها مناسبة لدول العالم الثالث والعالم العربي خاصة.

وقد أكد مركز الدراسات الاستراتيجية والتقنية في موسكو أن روسيا باعت أسلحة بأكثر قليلا من أربعة مليارات دولار إلى الخارج خلال العام 2002، محققة بذلك رقما قياسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وأن الجزء الأكبر من المبيعات تم عبر شركة حكومية تحتكر بشكل شبه كامل تصدير الأسلحة في روسيا بشحنات تتراوح قيمتها بين 3,4 و 3,5 مليارات دولار، وتأتي بعد ذلك شركة أخرى بحوالي 400 مليون دولار، وزودت هذه الشركة الإمارات العربية المتحدة، في إطار عقد بلغت قيمته 734 مليون دولار، أبرم في عام 2000، بخمسين من أنظمة الدفاع الجوي.

وتكمن مشكلة المجمع الصناعي العسكري الروسي في تفضيله بيع تجهيزات دون تعاون مع شركاء أجانب، ولذا فإن على روسيا البحث عن شركاء لتطوير أنظمة أسلحتها وتعزيز موقعها في السوق، وتتعاون روسيا حاليا مع الهند في صنع صواريخ مضادة للسفن من طراز "براهموس"، ومع إسرائيل لإنتاج مروحية هجومية، ومع أوكرانيا في إنتاج محركات للطائرات.

وقد وقعت روسيا عقدا مع ماليزيا، لبيع ماليزيا سلاحا روسيا بقيمة 900 مليون دولار، وتشمل الصفقة طائرات من طراز "سوخوي"، ذات التقنية العالية، إلى جانب منظومة صواريخ وقطع بحرية. ويشكل العقد مدخلاً مهماً لروسيا على جنوب شرق آسيا، إضافة إلى أنه تم مع دولة ذات غالبية سكان إسلامية.

كما كشفت روسيا النقاب عن أن حجم المبيعات الروسية من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الدول الأخرى سيصل إلى خمسة مليارات من الدولارات، وأن موسكو تلقت طلبات لشراء أسلحة ومعدات منها قد تصل قيمتها إلى اثني عشر مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، وأعلنت المؤسسة الروسية المتخصصة في المبيعات العسكرية، بأن قيمة المبيعات التي تمت حتى الآن بلغت ما بين 4.6 و 4.7 مليار دولار، وأنه إذا مضت الهند في خطتها لشراء فرقاطة من المؤسسة فسوف يصل إجمالي حجم المبيعات إلى خمسة مليارات دولار، وأن المؤسسة ما زالت تجري التجارب الأخيرة على هذه الفرقاطة، حتى يمكن أن تتسلمها الحكومة الهندية، وأنه يمكن توقيع مزيد من العقود بين المؤسسة وحكومة نيودلهي.

الإنفاق الدفاعي للصين:

مع تصاعد التوتر النووي على جبهة شبه الجزيرة الكورية من جهة، وتصاعد الحرب على الإرهاب على الجبهة المقابلة، تبدو الصين مصممة على مضاعفة حجم موازنتها الدفاعية، ويقول الخبراء إن الصين أنفقت خلال ال 13 عاما الماضية، على جيشها المؤلف من 2,5 مليون جندي، وقد شهد الإنفاق الدفاعي تزايدا يقدر ب 17,6% خلال العام الماضي ليصل إلى 20 مليار دولار، وكما تم إنفاق مبلغ مماثل عام 2004، ولكن يشير محللون عسكريون أجانب إلى إن الرقم الحقيقي يفوق بكثير الرقم المعلن من قبل الدوائر الصينية الرسمية، وتشير تقديرات وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن إنفاق الصين على جيشها هو أكبر بأربعة أضعاف من الأرقام الرسمية المعلنة، حيث تتراوح بين 35 إلى 55 مليار دولار إذا استثنيت عمليات شراء الأسلحة والأبحاث لتطوير الجيش.

وعلى الرغم من تزايد التوتر في كوريا الشمالية والشرق الأوسط، المصدر الرئيسي للنفط المستورد من قبل الصين، فإن محاولات بكين لتحديث وتطوير جيشها، هو الهاجس المسيطر عليها، ويستبعد محللون عسكريون حدوث أي تغيير في استراتيجية الجيش الصيني فيما يتعلق بمواجهة أي صراع محتمل في شبه الجزيرة الكورية، وفيما أعلنت الصين دعمها للحرب على الإرهاب، بقيت متيقظة لما يحدث في الجوار، في الوقت الذي يحارب فيه الجيش الأمريكي في أفغانستان التي تبعد مسافة 50 ميلاً عن الحدود الصينية.

ويقول المراقبون إن زيادة الإنفاق العسكري لبكين تأتي انعكاساً للنمو الإجمالي في الاقتصاد الصيني، وقد أنفقت الصين مبلغ 1,5 مليار دولار في العام، خلال السنتين الماضيتين لشراء تكنولوجيا عسكرية من روسيا، كما أشارت تقارير إلى أن بكين قامت مؤخرا بتجربة صاروخ جو-جو، ووسعت قاعدة قواتها البحرية في مضيق تايوان بإضافة ثماني غواصات روسية الصنع.

إسرائيل خامس دولة مصدرة للسلاح.

حققت إسرائيل زيادة كبيرة في مبيعاتها من الأسلحة عام 2003 لتصبح بذلك خامس دولة مصدرة للسلاح في العالم، بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا واليابان، بفضل الضوء الأخضر الأمريكي لبيع الهند طائرات رادار من طراز "فالكون"، وبلغت قيمة صادرات الأسلحة الإسرائيلية في عام 2002 نحو 4,18 مليارات دولار، أي بارتفاع نسبته 70% تقريبا، مقارنة بالعام السابق، وفقاً لعقود موقعة، وليس لصادرات فعلية محققة.

واعتبر بعض الخبراء في شؤون الدفاع أن السبب الرئيسي لهذه القفزة هو قيام أسواق جديدة، وأن تغييرات سريعة تحصل في العالم، لا سيما منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 فقد باتت دول عدة تشعر بالحاجة إلى تحديث قواتها لمواجهة التهديدات في كل الاتجاهات، واعتبرت وزارة الدفاع الإسرائيلية من جهتها أن صادرات الأسلحة الإسرائيلية تستفيد من الحرب على العراق، لأن هذه الحرب أظهرت أهمية الصواريخ الموجهة والأنظمة المعلوماتية، وهي الأسلحة التي جعلتها إسرائيل مجال تخصصها.

انتشار الأسلحة الصغيرة في العالم:

كشف التقارير الجديدة حول الأسلحة الصغيرة عن وجود نحو 639 مليون قطعة سلاح ناري صغيرة في جميع أنحاء العالم، على الرغم من الإجراءات الصارمة التي فرضتها الأمم المتحدة على الأسلحة غير المرخصة، وأشار التقرير، الذي أعده معهد الدراسات الدولية في جنيف، ونشر بمناسبة عقد مؤتمر الأمم المتحدة بشأن الأسلحة الخفيفة، إلى أن نحو 59% من الأسلحة النارية الصغيرة في العالم يحملها مدنيون، وأن معدل إنتاج هذه الأسلحة وصل إلى 7 ملايين قطعة سنويا، وهي الأسلحة المسؤولة عن مقتل نصف مليون شخص سنويا، وإصابة الملايين في جميع أنحاء العالم.

 

كما أن هناك 1134 شركة في 98 دولة تشارك في صناعة هذه الأسلحة، التي تشمل: المسدسات، والبنادق، والبنادق الآلية، والقذائف الصغيرة، وأن الولايات المتحدة وروسيا تسيطران على صناعة هذه الأسلحة، إذ ينتج البلدان نحو 70% من الأسلحة الخفيفة، التي تطرح سنويا في الأسواق.

ويعتبر الأمريكيون هم الأكثر تسلحا في العالم، حيث يمتلك كل فرد أمريكي سلاحا تقريبا ، وأن الأمريكيين، على الصعيد الفردي، يملكون ما بين 276 مليونا إلى 283 مليون قطعة سلاح، أي إن هناك ما بين 83 و96 قطعة سلاح لكل 100 أمريكي، وأبدى التقرير انزعاجه من ظاهرة تزايد امتلاك الأوروبيين للأسلحة، لأن سكان بلدان الاتحاد الأوروبي الخمسة عشر يملكون 84 مليون قطعة سلاح، أي بنحو 17,4 قطعة سلاح لكل مئة شخص، وأن هناك 762 ألف قطعة سلاح صغير في أيدي الفرنسيين، أي أكثر من العدد المسجل في التشيك والدنمارك وانجلترا وويلز وبولندا واسكتلندا والسويد معا.

وقد قدر إجمالي قيمة التجارة المشروعة في الأسلحة الصغيرة بأربعة مليارات دولار سنويا، بينما تقدر التجارة غير المشروعة بأقل من مليار دولار سنويا، وذلك لأن الصحوة الاقتصادية في منطقة جنوب شرق آسيا وإحجام دولها عن الاعتماد على موردي السلاح التقليديين، أعطى دفعة جديدة لصناعة الأسلحة الصغيرة الوليدة في المنطقة، كما أن قرار ماليزيا إعادة تنشيط وحدة إنتاج الأسلحة في شركة مملوكة للدولة، شكّل بداية توجه نحو تعزيز القدرات الدفاعية وتحقيق قدرة ذاتية على البت في شؤون الأمن القومي.

وقد نشرت الجامعة الوطنية الأسترالية تقريراً بعنوان "إنتاج ونقل الأسلحة الخفيفة في جنوب شرق آسيا"، جاء فيه أن مستقبل شركات القطاع العام لإنتاج السلاح في جنوب شرق آسيا -ومعظمها شركات خاسرة- مستقبل معتم نظرا لمحاولة الدول المتعثرة اقتصاديا ترشيد الإنفاق، غير أن المحللين يرون أن الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001 وما تبعها من حرب على ما يسمى بالإرهاب بقيادة واشنطن، أدت إلى تضخم ميزانيات الدفاع في المنطقة وأحيت برامج الإنفاق العسكري.

ورصدت الدراسة إنتاج الأسلحة في جنوب شرق آسيا على مدى ال30 عاما الماضية، وكانت دول المنطقة في السابق تعتمد في تغطية احتياجاتها من البنادق والذخيرة على أوروبا والصين والولايات المتحدة، أما اليوم فهناك ست دول هي ماليزيا وميانمار والفلبين وسنغافورة وإندونيسيا وتايلاند، تصنع الأسلحة الخفيفة وتحقق اكتفاءً ذاتيا في الذخيرة الخفيفة العيار.

السلاح والدول النامية:

تسعى غالبية الدول الفقيرة إلى شراء السلاح، ولو كان أقل تطورا، ذلك أن الكثير من هذه الدول، التي استقلت حديثا، اتسمت بانقسامات داخلية، كما أن لها ادعاءات على أراضي الدول المجاورة، نشأت عن سباق الاستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر على احتلال الأماكن وتكوين الإمبراطوريات الإمبريالية، ومن ثم كثرت الثورات الداخلية، كما هو حال معظم دول أفريقيا المدارية ونماذج ذلك كثيرة كالكنغو وليبيريا وكوت ديفوار وتشاد ونيجيريا ورواندا وبروندي، ولهذا فإن تجارة السلاح رائجة تماما في أفريقيا، ولكنها لا تمثل مبيعات للسلاح المتطور، حيث كانت مبيعات السلاح تؤجج الصراع بين حكومة أنجولا، المدعومة لفترة بقوات من كوبا، وثوار سافيمبي الذين كانت تدعمهم تجارة السلاح من جنوب أفريقيا والغرب، وحروب الصومال وأثيوبيا، ومؤخرا حرب اريتريا وأثيوبيا.

وقد أصبح الشرق الأوسط أحد أكبر أسواق السلاح العالمية، وتنافست فيه الأسلحة الغربية والشرقية، وكانت دول الخليج العربي أقدر على دفع فاتورة السلاح الغربي، خاصة بعد سقوط نظام الشاه وتأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وزادت المشكلة بالحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج الأولى حتى أصبحت مركزا لثقل مدفوعات الأسلحة، والى الآن مازالت دول الخليج تسهم بنصيب وافر في سوق السلاح الغربي بصفة عامة، والأمريكي بصفة خاصة، وبنفس الصورة، كانت شبه القارة الهندية مجالا لصراع متعدد بين الهند وباكستان، وبالتالي مجالا آخر من المجالات الكبرى لمدفوعات السلاح.

ومن بين هذه الأسواق من تعاظم إنفاقها على صنع السلاح محليا، وعلى رأسها إسرائيل والهند وباكستان، ولكن معظم هذا السلاح لا يدخل التجارة الدولية، باستثناء إسرائيل.

الاقتصاد والسلاح:

بدأت بعض الدول النامية في الحد من الإنفاق على التسليح من أجل معالجة أفضل لمشاكل شعوبها، والمثال الأكبر على ذلك هو البرازيل، التي جمدت مؤخرا مشروع شراء طائرات مقاتلة بمبلغ 760 مليون دولار، كما خفضت ميزانية الدفاع بنحو 4% من أجل تنفيذ برنامج مكافحة الجوع، ولتصحيح الأحوال الداخلية، صحيا وتعليميا واقتصاديا وسياسيا من أجل إقامة دولة قادرة على التعايش عالميا، وتشير دراسات اجتماعية اقتصادية حديثة إلى أن العالم يحتاج لتقويم ذاته صحيا واجتماعيا وغذائيا إلى نحو 78 مليار دولار سنويا: 24 مليارا لتجديد التربة الزراعية والحد من تآكلها، و19 مليارا لمكافحة الجوع ونقص الغذاء، و 12 مليارا لتحسين صحة المرأة، وعشرة مليارات لإنتاج مياه شرب سليمة، و 8 مليارات لمنع الأمطار الحمضية، وخمسة مليارات لمكافحة الأمية.

وإذا قارنا ما يتطلبه تحسين أحوال الناس (78 مليار دولار) بما ينفقه العالم سنويا في إنتاج السلاح (839 مليارا)، فسنجد النسبة هي أقل من عُشر الإنفاق العسكري السنوي، ولا شك أن في العالم مجهودات حسنة لضبط الاندفاع الى السلاح أو إيجاد حلول مفيدة، ولكن الدول تتنافس على أشياء عديدة: الدول الكبرى تتنافس على الزعامة العالمية، والدول الصغرى تتنافس فيما بينها على قضايا صغرى أو على خَطْب الود مع الدول الكبرى.

الخلاصة:

إن هناك حالة من عدم التوازن التي أوجدها إنفاق حكومات دول العالم الهائل على التسلح، الذي بلغ 800 مليار دولار، مقابل 56 مليار دولار قدمت كمساعدات إلى الدول النامية، ويتطلب ذلك تصحيحا للعمل على تخفيف حدة الفقر في العالم، وقد تضاعف الإنفاق العالمي على المخصصات الدفاعية بمعدل 14 مرة على المساعدات المقدمة إلى الدول الفقيرة والنامية، وقد وشهدت المساعدات الدولية المقدمة إلى دول العالم الفقيرة تراجعاً خلال العقد الأخير،

ولكن يبدو أن الأوضاع أخذت في التحسن عام 2002، بزيادة قدرها 5 % عن العام 2001كما أن الاستراتيجية السياسية الأمريكية تمكنت من رصد مبلغ 33 مليار دولار لإعادة إعمار العراق في مؤتمر مدريد للدول المانحة، مطلوبة منها أيضا لمساعدة دول العالم الفقيرة، وتطبيق سياسة مماثلة لمؤتمر مدريد بجانب مراعاة العامل الزمني وضمان الاستمرارية، واستثمار الموارد، وإعادة الهيكلة السياسية، لتحقيق أهداف إنسانية كبيرة،  وتوفير المياه النقية إلى كل سكان العالم فضلاً عن توفير التعليم الابتدائي -على أقل تقدير- لكل أطفال دول العالم، وأن ترتفع مساهمات التنمية إلى الدول الفقيرة بنسبة 31 % -أي بحوالي 16 مليار دولار.

 

 




عودة