مركز المعطيات و الدراسات الاستراتيجية

أمريكا .. دولة فاشلة

إيان ويلش

2019-04-26



أمريكا .. دولة فاشلة

بقلم: إيان ويلش

8 نيسان 2019

www.ianwelsh.net

ترجمة: مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية

 

عندما تسوء الأمور التي كانت تسير على ما يرام على المرء أن يعرف بأن دولته أصبحت دولة فاشلة.

نادراً ما يصبح الأشخاص السعداء والذين لديهم أمل في المستقبل مدمني مخدرات.

كتب آدم سميث: "ثمة قدر كبير من الدمار في الأمة". لكن هذا القدر ليس غير محدود.

لا تحافظ الولايات المتحدة على بنيتها التحية. إنها لا تقوم بتشييد بنى تحتية جديدة، كما يعلم أي شخص شاهد قطارات سريعة في الخارج (أو موانئ جوية جيدة).

الولايات المتحدة تخسر الحروب. إنها تخسر في أفغانستان. وعندما غادرت العراق كان عليها أن تدفع للميليشيات المحلية كي لا تهاجمها أثناء مغادرتها. ربحت على حد قولها في ليبيا، إن كنت تستطيع القول إن المساهمة في أزمة اللاجئين تهدد استقرار شريكها الاستراتيجي الأساسي، الاتحاد الأوروبي، وهو ما يشك بصحتها كل شخص.

لقد انقلبت الولايات المتحدة إلى حد كبير على منظمة التجارة العالمية التي أنشأتها بنفسها. وحتى قبل الانقلاب عليها كانت منظمة التجارة العالمية قد فشلت في جولتها الأخيرة من المفاوضات التجارية.

ارتفعت أسعار الأدوية الأساسية في الولايات المتحدة ارتفاعاً كبيراً (وقد تضاعفت أسعار الإنسولين ثلاث مرات) وهناك انخفاض فعلي في متوسط الأعمار، وهو الأول منذ انتشار الإنفلونزا الاسبانية.

تقوم الولايات المتحدة بإبعاد أهم حلفائها عنها، كالاتحاد الأوروبي. وتستخدم بشكل متزايد العقوبات المالية لتعاقب الأمم، وهو ما أدى إلى الحديث عن إنشاء شبكة مالية دون أن تكون الولايات المتحدة مركزها.

وقد انتقل التصنيع الأساسي (كصناعة رقاقات الكمبيوتر) إلى الخارج، ولم تعد الولايات المتحدة المصنّع الرئيس للبضائع الإلكترونية ولا أي من حلفائها (ولم يعد يهم إن سيطرت اليابان على هذا القطاع، وكذلك تفعل الصين). وللعلم فإن تقنية 5G المتقدمة هي صينية بالأصل، وأهم مدينة تقنية في العالم هي في الصين وليس أي مكان آخر.

تفوق صناعات الصين صناعات الولايات المتحدة وكذلك بخصوص شراء تكافؤ القوى، ذلك أن لديها اقتصاد أكبر.

بدأت دول مركزية كإيطاليا (وهي عضو في قمة السبع) بالتطلع نحو بكين. وقد وقعت لصالح حزام الصين ومبادرة الطريق التي تعتبر منافساً – من بين أمور أخرى – لمنظمة التجارة العالمية والنظام التجاري الذي تقوده الولايات المتحدة. أما الدول غير المركزية فهي تتحول نحو الصين على نحو متزايد من أجل الحصول على قروض ومن أجل التنمية بما أن الصين راغبة بإقراضهم الأموال الازمة، وغالباً ما يكون هذا وفق معدلات أفضل مما يطرحه صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومطالب أقل بخصوص الضوابط الداخلية.

تظهر القوات المسلحة الأمريكية إشارات على كونها غير قادرة على تصنيع معدات عسكرية متطورة وفعالة. لنأخذ على سبيل المثال مقاتلة (F-35) التي لا تستطيع الطيران أساساً. إنها تظهر إشارات على عدم كفاءة شديدة كما يحدث حينما تسمح بتدمير مجموعات من الطائرات على الأرض بسبب إعصار ما بدلاً من نقلها إلى مكان يكون غطاءاً حامياً لها.

يقود الولايات المتحدة دونالد ترامب وهو نجم تلفزيون الواقعية والذي تم العمل على إظهاره على أنه ملياردير مؤثر عبر التحرير الذكي. لكنه يتمتع بكفاءات فعلاً وواضح أنه على نرجسي إلى حد الغليان وعلى وشك أن يفقد اتزانه.

وبنفس الوقت يتحدث حزب المعارضة، الذي واجه الرئيس الذي يفقد شعبيته إلى حد كبير، عن العمل معاً وكيف لا يعزل رئيساً ضعيفاً بالمطلق.

الولايات المتحدة هي عبارة عن كومة مذهبة من القمامة تتدحرج ببطء نحو المحيط ولكن بشكل مستمر.

هناك الكثير من الدمار في الأمة ولكن على مدى أربعين عاماً اعتبرت النخبة الأمريكية الولايات المتحدة على أنها غنيمة وافترضوا أن الأيام الجيدة ستستمر في إقبالها. كانوا غير مهتمين بالحكم الحقيقي وكانوا سعداء بنقل الكثير من الصناعة الأمريكية الأساسية إلى الخارج إلى أمه ستحل محل أمريكا كقوة مهيمنة، ذلك أن الصين كان لديها ما يكفي من الذكاء لكي تحول النخبة الأمريكية إلى نخبة غنية.

الولايات المتحدة في أجزاء كبيرة منها أماكن قذرة، ذلك أن قاطنيها الذين يكرهونها كرهاً شديداً يستهلكون كميات هائلة من المخدرات ولا يمتنعون عن إنهاء حياتهم بالانتحار، إذ من ذا الذي يرغب بالعيش في أمة لا أمل فيها وتعج بقادة سيئين ولا أمل منهم.

آه، بالطبع يوجد هناك أشخاص جيدون، وكان هنالك أشخاص يؤدون أعمالهم على نحو جيد في القرن الرابع الميلادي في وقت انهيار الإمبراطورية الرومانية. في الواقع، الأشخاص الجيدون موجودون على الدوام. إلا أن أعدادهم تتناقص وتستمر في التناقص. وهذا التناقص يجعل الأمور أسوأ فأسوأ.

من هم في القمة لا يزالون يبلون بلاء حسناً، لذلك ليس هنالك ما يستدعي القيام بأي شيء.

وقد أعطاهم ترامب للتو تخفيضاً آخر على الضرائب. كل شخص يعرفونه يقوم بأمور عظيمة.

لذلك سيستمر الأفول لأنه ما لم تشعر النخبة بآلام الغالبية العظمى فإنها لن تتغير.

وفي النهاية ليس ثمة من شخص راغب أو قادر على إجبار النخبة على أن تدفع جزاء لما قدمت.




عودة